حاولت بكل الطرق أن أنهي الموضوع محمد منير وجلسات السمر والصدق في مقال واحد، وبالفعل توهمت إنني فعلت ذلك، ولكن كل مرة أسمع فيها منير بعد كتابة المقال، أتذكر أغنية نادرة أو فيديو نادر أو قصة.
كان لابد من جزء ثاني، جزء للاستمتاع فقط، لجلسات السمر بشكل مباشر واضح، وإن كان المقال الأول يحمل بعض التنظير الضروري لشرح وجهة النظر، فهنا نقول لمنير شكرًا على ما قدمه من أعمال قيمة وجميلة وصادقة.
كان يجب أن تكون البداية من وحي المقال السابق، لنشاهد هذا الفيديو لأغنية يونس من برنامج عن مسيرة محمد منير الفنية تحت اسم “حدوته مصرية” عام 2008، منير يغني الأغنية في حضرة مقدمة البرنامج شافكي المنيري، وملحن الأغنية محمد رحيم، وضيافة الخال الأبنودي، يغني ورحيم يقوم بدور العازف والكورس، في الكوبلية الأول، ينسى منير الكلام كعادته، وتأتي مرحلة الخبرة والذكاء الفني، يصبح رحيم ملقن لمنير، يأخذ منير منه الكلام ويكمل بكل سهولة وبساطة، وفي نهاية الأغنية، وقبل مقطع “قلبي ضايع..”، يلعب منير اللحن بالآهات كعادته عندما يكون رايق، ويقول “بحب الحتة دي”.. هنا يظهر منير بكل وضوح، منير المحب للغناء، للغناء فقط، عيناه تلمع من البهجة، صوته واضحًا وعاليًا، تسمع الطفل النوبي المحب للغناء دون أي شوائب..
ومن باب المحب للغناء، نسبح في أغاني محمد منير الجميلة والنادرة، يصنع أغاني تجارية، ويعمل على الموازنة بين الأمرين، بين حبه للغناء وبين السوق، في أغلب الأمر ينتصر التجاري، ولكن لمنير الكثير من الأغاني والتسجيلات التي تعبر عن نشوة الغناء فقط، فنسمع أغنية “فين الحقيقة”، ولكن بالتوزيع الأصلي لها، الذي ظهر في المسلسل التلفزيوني “اللسان المر” سنة 1976، كانت الأغنية هي تتر المسلسل، المسلسل بطولة أحمد زكي و مديحة حمدي، ثم بعد أكثر من 20 عام على المسلسل، يعيد توزيع الأغنية لتظهر في ألبوم الفرحة، وبالطبع التسجيل الأول كان أجمل وأعظم وأصدق، الأغنية من كلمات عبد الرحيم منصور وألحان عبد العظيم عويضة.
دائما الأغاني الأصلية هي الأجمل، كلما حاول محمد منير توزيع أغانيه لتناسب السوق والذوق التجاري العام، فقدت الأغنية جزء من جمالها، فقد منير جلسة السمر، فضاع الصدق، كأغنية “دي ليلة واحدة ما تكفيش”، من فيلم “البحث عن توت عنخ أمون” 1995 توزيع الفيلم هو الأجمل، أو كأغنية في عنيكي غربة وغرابة، التي قام منير بتوزيعها مرتين، بعد أن غناها في أول ألبوم له “علموني عنيكي” 1977، مرة في ألبوم مشوار 1991، ومرة أخرى في الألبوم الأخير “أهل العرب والطرب” 2012، ولكن يبقى أول توزيع له هو الأفضل، وللبحث عن الأفضل.. سنجد تسجيل جلسة بصحبة منيب، ربما يرجع تاريخ التسجيل لما قبل ظهور الألبوم الأول..
في أحد حلقات برنامج ليلتي.. يغني محمد منير لما النسيم، وأحمر شفايف، ترى يتفاعل مع كل كلمة مع الأغنية، مع كل حركة في اللحن، ترى كأنه يريد أن يطير، هو يجد نفسه هنا، مع الطار والكولة، حتى عندما غنى ياليلة عودي تاني في نفس الحلقة، يقول بعد الانتهاء من الأغنية: “الغنا حلو”.. هكذا بكل بساطة، يوضح الأمر.. أنا شخص أحب الغناء..
أغاني كثيرة نادرة وغير مشهورة، لنسمع أغنية “يا أميرة” بصحبة رفيقه الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي أيضًا من مسلسل السابق ذكره “اللسان المر”.. تعتبر أغنية يا أميرة من أحلى أغاني منير، رغم إنها أغنية قصيرة جدا، ولكنها تتميز بخصوصية، وبالطبع كلام الأغنية من أحلى ما فيها..
وما زلنا مع الأغاني والتسجيلات النادرة فنسمع أغنية “يا طير” في جلسة خاصة على الدف، كانت الأغنية هي تتر البداية لمسلسل “طيور بلا أجنحة” 1979، وقد أعاد محمد منير كالعادة توزيعها في ألبوم شيكولاتة 1989.
ولمنير أغاني نادرة جدا، أغاني مجهولة، لا تعلم من الملحن أو الكاتب أو تاريخ التسجيل، ومن أهم هذه الأغاني هي أغنية “كوبري وبحر” وكلامها الغريب.. «والرغبة في الهرب، والرغبة في الرجوع لعالم الطفولة، يثوروا على البيوت ويثوروا ع الرجولة، ويشتعل الحريق والنار تكون مهولة
لحن حسين الأمام أغاني لمنير مثل جنني طول البعاد وهي من كلماته أيضًا، ولحن أيضًا أغنية “العالي عالي” من كلمات كوثر مصطفى وكان هو الكورس وراء منير، لمنير وحسين أغنية ربما تكون سريالية، هي أغنية “مكرونة بالصلصلة”، التسجيل غير واضح، في محاولة لاكتشاف بعض كلمات الأغنية ستجد، «العمر عدى في أيه ؟ ده العمر عدى عشان.. الصلصة عـ المكرونة…مكرونة مكرونة….مكرونة بالصلصة والشارع سنيمات…يا كايرو يا ريفولى»، ومن الأغاني المجهولة أيضًا أغنية “كان يا ما كان“، وأغنية “البنوته” التي يغنيها محمد منير بدون موسيقى، حتى لا يوجد إي شكل من أشكال الإيقاع في الأغنية.
هذه المرة مع محمد منير والسودان، وبالتحديد مع المطرب السوداني محمد وردي، بعد أن غنى منير له الأغنية الشهيرة وسط الدايرة، نسمع منير يغني حرمت الحب والريدة لايف عام 1992وهي من أغاني محمد وردي الشهيرة.
ومن السودان لألمانيا وصديقه المغني العازف الألماني “ Hubert von Goisern“، وميكس بين أغنية “ Africa” وأغنية “يا أنا” بتوزيع مختلف وجو مختلف تمامًا عما جاءت في ألبوم من أول لمسة 1996، كانت الأغنية في ألمانيا عام 2003.
مع نهاية المقال الثاني والأخير عن محمد منير، صعب اختصار لو جزء بسيط من أعمال منير في مقالين أو ثلاثة، ستبقى أغاني لمنير نادرة، وكل فترة ستقع تحت يدك أغنية لمنير لم تسمعها من قبل، أو توزيع مختلف، وستبقى أغاني منير الجميلة والقديمة والنادرة باقية، رغم كل ما يفعله منير من سوء اختيار للكلمات والألحان والتوزيعات، ولتكن النهاية مع أغنية “وسلام للعسكري” من فيلم حكايات الغريب 1992، فلكلور، من ألحان فرقة أولاد الأرض وتوزيع ياسر عبد الرحمن.
“كلنا هنا على نفس الملة.. فقرا إنما محناش قله..كلنا عاشق كلنا مبتلي“
نشر في موقع كسرة 2015