حسن حسني، الممثل الذي نجح في إثبات نفسه، كممثل قدير، يستطيع أن يصنع من أي دور شكلًا خاصًا، تاركًا بصمته في العمل، عند البحث عنه على الأنترنت، كانت أغلب النتائج عن مقطع نُشر للفنان، وتم اعتباره إهانة لدولة المغرب ونسائها، بعيدًا عن المقطع وعن كل هذه الفضائح والتفاهات، نعيش اليوم مع هذا الممثل القدير “حسن حسني محمود”
أصبحت الميديا لا تهتم إلا بالمشاكل والحياة الشخصية، البحث عن فضيحة هو فن التعامل مع الفنانين والمشاهير، لم يكتب أحد عن قيمة سعيد طرابيك التمثيلية ودوره في سينما عادل أمام، واشتراكه في أغلب أعماله، ولكن امتلأت كل الصحف والمواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التوك شو، بخبر زواجه. تبدأ في البحث عن مخرج بقيمة محمد خان ودوره في السينما المصرية، تجد أغلب النتائج عن خناقة بينه وبين دنيا سيمر غانم عن استخدامها لمشاهد من فتاة المصنع.
البداية.. المسرح
كانت البداية من المسرح، التنقل بين المسارح وبعضها، شارك في فرقة “عمر الجيزاوى” في نهاية الخمسينيات، ثم انتقل إلى المسرح العسكري التابع للجيش، كان الحضور يقتصر على ضباط الجيش وأسرهم، ليتنقل بعد حل المسرح العسكري عقب هزيمة 1976، إلى مسرح الحكيم ثم مسرح القومي والمسرح الحديث، ثم كانت النهاية مع مسرح القطاع الخاص.
حب حسن حسني التمثيل من صغره، ربما كان تعويضًا لوفاة والدته وهو في سن السادسة، ولد حسن في القلعة عام 1931، لأب يعمل مقاول، عمل في مسرح المدرسة، وقدم عدة مسرحيات ونال عليها عدة جوائز، في مرحلة الثانوية في مدرسة الخديوية نال كأس التفوق عن دور انطونيو في مسرحية مصرع كليوباترا لأمير الشعراء أحمد شوقي، جعلته على يقين إن هذا العمل هو السعادة الكاملة، والطريق الطويل، ولا مفر من أن يصبح ممثلًا.
قدم حسن حسني مسرحيات مهمة في تاريخ كل المسارح التي عمل عليها من مسرح الحكيم والقومي والحديث والخاص، مثل مسرحيات “عرابي”، المركب اللي تودي”، “آه يا ليل يا قمر”، “العرضحالجي “الزعيم”، “كلام فارغ”، “لعبة اسمها الحب”، “طبيب رغم أنفه”، “على الرصيف”، “حزمني يا”، “جوز ولوز”، “عفروتو”، “لما بابا ينام”، ومسرحيات أخرى كثيرة، كان المسرح هو البداية، والانطلاق الحقيقي لموهبة التمثيل وشغف التقمص والأداء.
التلفزيون والإذاعة
قدم حسن حسني في الإذاعة عدة أعمال مهمة، فالإذاعة هي الحب الثاني بعد المسرح للفنان، يختزل كل ما يملك من موهبة في الصوت، شارك في مسلسل “قُشْتُمر” عن رواية نجيب محفوظ بنفس الاسم، ومسلسل “عودة ريا وسكينة” من تأليف عبد الرحمن فهمي، وشارك فريد شوقي في المسلسل “سلام لحضرة الناظر” من تأليف إبراهيم مصباح، وقدم أيضًا مسلسل الإذاعي “الجريمة المزدوجة” من تأليف ياسين إسماعيل ياسين، ومسلسل “صيف حار جدًا” من تأليف سعد زغلول، وشارك في المسلسل “لما بابا ينام” الذي تم تحويله فيما بعد إلى مسرحية شارك فيها أيضًا مع علاء ولي الدين، وكان من تأليف أحمد عوض، وفي عام 2009، قدم المسلسل الكوميدي “اطلبني من بابا“، تأليف مجدي الكدش، رحلة طويلة ومهمة وممتعة للمثل نفسه قبل المستمعين.
مع التلفزيون، تاريخ طويل وحافل من الأعمال القيمة، والأدوار التي لا تنسى، بدأ حسن حسني بتقديم سهرات تلفزيونية صغيرة، مثل مسلسل “النمس“، ومسلسل النادر “فواكه الشعراء“، ومسلسل “كيف تخسر مليون جنيه” 1978 مع عادل إمام، و”زينب والعرش 1979″، وغيرها من المسلسلات والسهرات التلفزيونية، ألا أن بداية الشهرة والانتشار كانت مع مسلسل “أبنائي الأعزاء..شكراً” 1979، الشهير بمسلسل “بابا عبده، وقدم فيه حسن حسني دور المرتشي “فتحي سكرتير الشركة”، لينطلق بعدها في مشوار طويل مع التلفزيون، ومن أشهر أعماله “البشاير”، “الزهور لا تموت”، “النوة”، “رأفت الهجان”، “بوابة الحلواني”، “المال والبنون”، “دموع صاحبة الجلالة”، “أرابيسك”، “حلم الجنوبي”، “أبو العلا 90″، “جمهورية زفتي”، “اللص الذي أحبه”، “أم كلثوم”، “يا رجال العالم اتحدوا”، وغيرها من المسلسلات المهمة في تاريخ التلفزيون المصري.
السينما..
ربما يتعامل البعض مع حسن حسني إنه صاحب موهبة قليلة، يقدم بعض الأدوار الكوميدية تارة وأداور الشر تارة أخرى، ولكن تاريخه الفني يوضح عكس ذلك، قدم حسن حسني عدة أدوار مهمة ومركبة، وبسيطة حد الصعوبة، كانت البداية من فيلم “الكرنك” ودور صغير، ولكن كانت الانطلاقة من فيلم “سواق الأتوبيس” مع عاطف الطيب، الذي قدمه معه أيضًا دور الضابط فيهم في فيلم “البريء”، ثم “ضربة معلم”، و”الهروب”، رأى فيه عاطف الطيب، الممثل القادر على إتقان الدور والشخصية كما يراها هو على الورق.
ليقدم أيضًا دور مهم مع محمد خان في فيلم “زوجة رجل مهم”، الضابط صاحب النفوذ والفاسد، وأيضًا مع خان نرى دور النصاب العجوز في شكل بسيط وكوميدي في فيلم “فارس المدينة”، والذي حصد بسببه جائزة أحسن ممثل في مهرجان الاسكندرية السينمائي، ومع رضوان الكاشف وفيلم “ليه يا ببنفسج” ودور الكفيف “عيد”، ثم دوره المميز جدًا، وربما يكون من أجمل وأحسن ما قدمه حسن حسني في مسيرته الفنية، دور “ركبه” القرادتي في فيلم “سارق الفرح مع داوود عبد السيد، والذي قدم فيه شخصية مركبة وصعبة ونال عليها خمس جوائز مهمة، ودوره الصغير في فيلم “ناصر 56، وفي نفس العام قدم دور الحلاق “الأسطى محمد” في فيلم “عفاريت الأسفلت، الحلاق المغرم بالحكي والقصص، واحد من أحلى ما قدم حسن حسني في تاريخه الفني.
كوميديان بدرجة قدير جدًا.. سينما الشباب
نقلة جديدة في تاريخ حسن حسني الفني، دخول سينما الشباب، ليصبح أهم عنصر لضمان نجاح الفيلم، طاقة كوميدية لا تنتهي، غير متكلف، يصنع الأفية بكل سهولة، تبادل الأفيهات بكل بساطة، كأنه يمارس لعبة “البنج بونج” بكل احترافية، البداية من “عبود على الجدود” 1999، وشخصية الأب العسكري، ثم الشخصية الأهم والأجمل في فيلم “الناظر” 2000، وكيل المدرسة الأستاذ “سيد ضاهي”، لا أحد ينسى مشاهده مع “جواهر” في هذا الفيلم، أحد أهم الأفلام في تاريخ هذه الموجة الجديدة، ثم “أفريكانو”، “صعيدي رايح جاي”، “ابن عز”، “محامي خلع”.
عم بخ، أحد أهم الأدوار في شخصية “اللمبي”، وأول فيلم لمحمد سعد عام 2002، ثم “اللي بالي بالك”، ودور الظابط أدهم، كلها أدوار لها مكانتها عند محبي الكوميديا المصرية، في كل فيلم شارك فيه تجد عدة مشاهد لا تنسى، كان الرابط الوحيد بينهم، هو وجود حسن حسني، تجده في “خريف آدم”، وفي نفس العام يقدم “قلب جريء” مع مصطفى قمر، وفي عام 2003، يقدم مع اللي بالي بالك، عسكر في المعسكر وكلم ماما.
أداور كثيرة ومتنوعة، لا أحد ينسى دوره في “الباشا تلميذ”، و”عوكل”، و”غبي منه فيه”، و”زكي شان”، ودوره في “فرحان ملازم آدم”، أفلام كثيرة وأداور متباينة، منها الأفلام الناجحة، ومنها بالطبع أفلام الرديئة والتي لاقت فشل ذريع، رغم كل ذلك لا أحد ينكر أهمية حسن حسني في تلك الموجة الكوميدية الجديدة، ولا أحد ينكر إنه يمتلك قدرة كوميديان على مستوى عالي، وإنه مازال قادرًا على تقديم أدوار مهمة وصعبة ومركبة، إذا عُرضت علية.
في النهاية أنت أمام سجل حافل من الأعمال التمثيلة المتنوعة، من المسرح إلى الإذاعة إلى التلفزيون ونهاية بالسينما، أنت أمام ممثل صاحب موهبة وتمكن في الأداء وخفة دم.
نشر في موقع كسرة 2015